ماذا لو… حدثت فوضى في الداخل الأمريكي ما العواقب على التجارة الدولية والحبوب؟!

كتب/ شبل هيكل 

قبيل الانتخابات الرئاسية الماضية في الولايات المتحدة الأمريكية شهدنا جميعا حادثة التي تعد الأولى منذ الحرب الأهلية وهي ما  أطلق عليها حادثة الكونجرس، وفيها تم إدانة عدد من الأفراد على رأسهم رئيس الحزب الجمهوري ورئيس الدولة فى ذاك التوقيت وهو الرئيس السابق  “دونالد ترامب “، وهو  الذي ساعد فى وصول الديمقراطيين  بقوة إلى سدة الحكم، بفعل سيطرتهم  آنذاك على الكونجرس الأمريكي بالاغلبية المطلقة بقيادة ” نانسى بيلوسى ” والتى استمرت حتى مطلع عام 2023 فى منصبها.

 ولكن الأوضاع الآن تغيرت كثيرا، حيث انخفضت شعبية الرئيس الحالي “بايدين”، وهذا في آخر تصويت قد حصل عليه منذ أيام، والبالغ نسبته نحو 40%، بفعل العديد من الأزمات الدبلوماسية في عدة مناطق بجانب أزمة المهاجرين، التي تؤثر على الحالة الأمنية والاقتصادية للولايات المتحدة الأمريكية ومؤشرات العنف المتزايدة في الشارع الامريكى التى ظهرت من خلال حوادث إطلاق النار فى الشوارع والمدارس وقسوة التعامل الشرطي مع المواطنين ذوي البشرة السمراء، لهذا تطرقنا إلى هذه النقطة تحديدا وإمكانية حدوثها

أوضاع اقتصادية صعبة

والجدير بالذكر، أن الولايات المتحدة الأمريكية شهدت عدد من الإجراءات الإقتصادية المتشددة، بفعل التضخم الذي ارتفع إلى معدلات غير مسبوقة، كما اتجهت الحكومة إلى أنفاق مكثف في عدة أوجه كان أهمها الإجراءات الاحترازية ضد فيروس كورونا فى الداخل الأمريكى، ولكن لم تؤتى ثمارها بشكل كامل وما زالت هناك أعداد من المصابين وهذا قد يوضح أن كل هذا الإنفاق الذى توجهت به الحكومة لم يقضى على الفيروس بالكامل وسط الأعداد التي تتزايد يوميا ، كما ساعدت الإدارة الأمريكية الحالية في دعم الحرب الأوكرانية بأكثر من 37 مليار دولار أمريكى والتى أيضا لم تحقق أى  شئ ملموس على الأرض، لذا نجد أن  أوكرانيا تخسر مزيد من الأراضي بسبب المواجهة المستمرة ضد روسيا، متناسية وضعها المالى ومستويات التضخم وسقف الدين الحكومى، وهذا لأنها اقترضت الحكومة الحالية المزيد من مليارات الدولارات من البنوك الأمريكية ضاغطة على الاقتصاد  الأمريكي والدولار،  ناتجاً عنها مزيد من المعاناة للشعب الأمريكي الذي وجد نفسه فى مأزق حقيقي بسبب الأسعار ومستويات التضخم الغير المسبوقة.

أسعار البنزين تشتعل

وفي سياق متصل، تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية واحدة من الدول العظمى في  إنتاج النفط، حيث تنتج  12.8 مليون برميل يومياً، ولكن هذه الكمية لا تكفي الاستهلاك المحلى، كما أنها تحتاج إلى المزيد من النفط لدعم قطاعات الإنتاج والإستهلاك، قد تحتاج إلى ما يصل نحو 1.1 مليون برميل، ويتم استيرادها بمعدل يومي من عدد مختلف من الدول.

وجاءت هذه الأرقام وفق مجموعة من  التقارير التي صدرت من هيئة الطاقة الأمريكية خلال العام الحالى ، فكانت من ضمن العقوبات التي انتهجتها الولايات المتحدة الأمريكية ضد روسيا لوقف الحرب على أوكرانيا، لذا سببت حظر المنتجات البترولية الروسية، مؤدية إلى اشتعال أسعار النفط فى العالم ومن ثم قرارات أوبيك وأوبيك بلس التى صدرت لتخفيض الإنتاج للحفاظ  على أسعار النفط في ظل الارتفاع المستمر لأسعار الفائدة في الفيدرالى الأمريكى وانخفاض الطلب العالمي، فضلاً عن تباطؤ الاقتصاد العالمى الذى نتج عن إغلاقات الكرونا منذ أعوام قليلة ولم يتعافى الاقتصاد العالمى منها حتى الآن ، والناجم عنه ارتفاع أسعار البنزين والسولار فى الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من دول العالم الأمر الذي يمثل مزيد من الضغط المعيشي على المواطن الأمريكي.

انقسامات في الكونجرس

ومن هنا، شهد الكونجرس الأمريكي بقيادة الجمهوريين المتشددين حول عدد من الملفات، على رأسها استمرار الدعم الأمريكي لأوكرانيا الذى أصبح يمثل عبئا على الاقتصاد الامريكى فى الوقت الحالى،  كما اختلفت الأصوات داخل الكونجرس حول رفع سقف الدين للحكومة الحالية مطالبين الحكومة بتخفيض أوجه الإنفاق فى بعض المشروعات الداخلية، وأيضا وقف الدعم العسكرى فى بعض المناطق وعلى رأسها أوكرانيا، وحاليا الدعم للحرب الإسرائيلية في الشرق الأوسط والمحتمل أن تتسع باتجاه إيران بعد حوادث اختطاف السفن فى المنطقة الشرق أوسطية، وهذا ما دفع إلى انعقاد الكونجرس قريبا لبحث الملف المشتعل حاليا، وهو ما يتطلب مزيد من الدعم المالى والسياسى والعسكرى مما قد يسبب مزيدا من المشاكل الإقتصادية فى الداخل الأمريكى. 

ردود أفعال اقتصادية دولية

وفي الأمس، قد صدر تقرير من المركزي السعودي، و المركزى الصينى يؤكد توافق البنكين على تبادل العملات بقيمة 50 مليار يوان صيني مقابل 26.1 مليار ريال سعودى،  فى خطوة تعد هي الأقوى خلال العام الحالى 2023، وهذا ما يعني ارتباط بيع النفط بالدولار الأمريكى حصريا  ولكن حيث تتعدد أوجه التسديد بالعملات المختلفة مقابل النفط السعودي، الأمر الذي سيعود على اقتصاد البلدين بمزيد من المكاسب، مسهلا عملية الشراء والتسديد مما يتيح فرص زيادة التبادل التجارى بين البلدين، وقد يشمل مزيد من التعاون بين الصين والمملكة العربية السعودية في عدد من الملفات الاقتصادية.

 ولكن هنا سنرى تأثير سلبى  على الدولار الذي سيشهد مزيدا من الانخفاض فى قيمته وزيادة التضخم في الاقتصاد الأمريكي خلال الفترة المقبلة، مما يضطر الفيدرالي إلى رفع الفائدة من جديد مسببا مشاكل مالية قوية فى عدد من أهم أعمدة الاقتصاد الأمريكي، مؤدياً إلى  اشتعال الموقف فى الداخل الأمريكى خلال الفترة القريبة المقبلة. 

ما هي العواقب على سوق الحبوب العالمي 

وباعتبار أن الولايات المتحدة الأمريكية، هي واحدة من أكبر منتجي الحبوب فى العالم، لأنها تمتلك العديد من الموارد الزراعية التى تؤهلها إلى هذه المكانة، لذا تثير القلق العالمى حول مستقبل الحبوب فور اتخاذ الصين والمملكة العربية السعودية تلك الخطوة الخاصة بالتبادل التجاري، من خلال العملات المحلية والتى ينتج عنها عدد من التأثيرات على الاقتصاد الأمريكي بالكامل وخاصة الزراعى.

باعتبار أن الولايات المتحدة الأمريكية واحدة من أهم موردي القمح والذرة وفول الصويا إلى العالم، حيث تلك الحبوب التى تمثل عصب صناعة الغذاء عالميا، وهي ما تنتجها بكميات كبيرة، كما يتم تداولها من خلال بورصتها في شيكاغو وشركاتها الزراعية متعددة الجنسيات مثل ” كارجل ” وغيرها من الشركات.

 ولكن في حالة انهيار النظام المالى الأمريكى والعالمى، مع احتمالية حدوث مشاكل داخلية فى الشارع الأمريكى، ماذا سيكون الوضع؟

وهنا نجد أنه من المتوقع توقف بعض الشركات عن تزويد العالم بالحبوب بشكل طبيعي وكافي نتيجة أزمة متوقعة فى العملة الأمريكية، فضلاً عن تعطل سلاسل الإمداد الداخلية في بلد المنشأ والعالمية  بين الدول وسط تهديدات للملاحة البحرية فى بعض المناطق، وهنا يجب على الجميع الاستعداد لتكوين مخزونات كبيرة من الحبوب قبيل الأحداث التى قد تطرأ وتتوالى إذا ما انفرط العقد.

ونجد أن بعض الدول قد توجهت لأخذ استعدادتها الدولية، فمثلاً  الصين انتهجت زراعة كميات كبيرة من الذرة لديها، كما رفعت كميات الاستيراد من الحبوب من دول أخرى كالبرازيل وروسيا، وكذلك الإمارات العربية المتحدة التي عملت على تبني منهج قوي فى تحقيق الأمن الغذائى لديها وأطلقت عدد من المشاريع في مناطق مختلفة لتحقيق ذلك، بالإضافة إلى القاهرة التي سعت من أجل رفع مخزوناتها من القمح خلال الشهر المنصرم بكميات كبيرة من عدد من الدول  على رأسها روسيا.

وفي هذا السياق، تسعى الحكومة المصرية جاهدة فى طريقها تحقيق الأمن الغذائي المحلي والعربي ضمن مسؤوليتها تجاه الشعب المصرى والشعوب العربية الشقيقة التى لا يتجزأ أمنها جميعاً عن أمن مصر وقد نرى مزيد من التعاون التجارى مع دول البريكس المنتجة للحبوب لتخفيف الأزمة الدولارية الحالية فى مصر وأيضا لتخفيف حدة الأزمة العالمية المتوقعة.

 

أضف تعليقك هنا

Add a Comment

You must be logged in to post a comment

الأخبار ذات الصلة

إن الحيوانات البرية المتوحشة هي مصدر إثارة وجذب للكثير من الأشخاص حول العالم، فهي تمثل جزءًا أساسيًا من تنوع الحياة في كوكبنا، …

يُعتبر الإسهال الأبيض المعروف باسم السالمونيلا من أخطر الأمراض التي تصيب الدواجن، والتي تشكل خطرا كبيرا على صحة الإنسان، فحسب ما أفادت …

خلال الأسبوع الماضي، قد توجهت عدد من محلات بيع وتداول الدواجن الحية إلى غلق محلاتهم لعدم قدرتهم على تحمل ضعف القوة الشرائية …

ارتفعت واردات مصر من الذرة الصفراء التي تعد هي واحدة من أهم مكونات أعلاف الماشية والدواجن، وبلغ معدل الارتفاع نحو 68.7% خلال …